السؤال
ابني يبلغ من العمر أربعة أعوام وثمانية أشهر، وهو يَخاف بشدة من عدة أشياء:
أولها الارتفاع لأعلى: فلدينا في مجتمعنا عادة سيئة، وهي رفْع الأولاد لأعلى، ثم التقاطهم، وقد حاول أحد أقاربي رفعه وهو صغير، فأخَذ الولد يصْرُخ ويبكي بشدة، ويتمسَّك بهذا الشخص.
ثم تطوَّر الأمرُ معه، فإذا به يخاف من كل شيء غريب؛ مثلاً: النزول للبحر، الأصوات العالية؛ كصوت (البمب) "المفرقعات"، القطط والكلاب.
هذا الأمر يزعجني بشدة؛ لأن أي أب يودُّ لولده أن ينشأ شجاعًا.
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.الجوابالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأخ السائل،اهلا ومرحبا بك
بداية، بارك الله فيك لحرصك على تربية ابنك على الشجاعة، أسأل الله - تعالى - أن يُقرَّ عينك به، ويبلغك فيه ما يرضي الله - جل وعلا.
أنصح بعدم التركيز على موضوع الخوف عند طفلك - إن كان كما ذكرت - فلله الحمد ليس هناك ما يقلق؛ فالطِّفْل من سن الثالثة إلى سن السادسة يَمُر بأحرج الفترات في حياته، ويسميها بعض المربين: (أزمة الحضانة)، فهي أزمة؛ لأن الطفل يكون فيها عنيف الانفعالات، شديد التأثر والحساسية.
وتُسمى الحضانة؛ لأن الدول الصناعية التي خرجتْ فيها الأمُّ للعمل، أعدوا دور حضانة تستقبل الأطفال، وتعدهم إعدادًا جيدًا؛ نظرًا لأهمية هذه الفترة من عمر الطفل.
وإن قرأتَ - أخي الكريم - الاستشارات السابقة، فإنِّي دائمًا أؤكد على أن يمتلكَ الأبوان ثقافة التربية عن طريق القراءة، سواء الكتب الورقية أو الرقمية (الكتب أو المقالات التي تعرض بالشاشة)، أو الاستماع، أو حضور المحاضرات، والدورات، فالأبناء هم أغلى ما نملك، وأقصى ما نهتم باستثماره؛ عسى الله أن يعيننا على ذلك.
والقراءة في الكُتُب التي تبحث في نمو الطفل ومظاهره أمر حيوي لكل أبوين.
طفلك - أيها الأب الفاضل - يمر بمرحلة خصائص النمو (الانفعالي)، وفيها أن حدة الانفعالات تبلغ أقصاها، ومن هذه الانفعالات: (خوفه من كل ما لَم يقع في خبرته من قبلُ)، فالذي أقترحه هو الاستزادة من القراءة في خصائص النمو المتعددة: النمو الإدراكي، والنمو اللُّغَوي، والنمو الحسِّي، والنمو الحركي، والنمو الدِّيني والخلُقي والاجتماعي، والقراءة أيضًا في أهمية اللَّعِب بهذه المرحلة، وكيف بإمكانك أن تكسب طفلك عن طريق ألعابه وإلعابه (خاصة التمثيلية منها) كثيرًا من المهارات والخبرات.
وبذلك تُعَرِّضه أنت بشَكْلٍ مدروس من قبَلك لخبرات ومهارات الشجاعة، وحل المشكلات بطريقة غير مباشرة وعفوية، ومِن ثَمَّ قِسْ أنت الفرْق بالمتابعة له وملاحظة انفعالاته، هل بقي طفلك على ما هو عليه من خوف، من مروره بنفس الخبرة التي سبق ومرَّ بها عدة مرات؟ أو تجاوز الخوف والقلق؟
وقد يعمد الطفل لإظهار خوف وقلَق شديد؛ بغَرَضِ جذْب انتباه أبويه له، الذي قد يكون فقَد بعضه بسبب أو لآخر؛ مثل: وُجُود مَوْلود جديد في مُحيط أُسْرته، أو بِغَرَضِ استجْلاب مزيدٍ منَ الحب منهم، (عادة عندما يكبر الطِّفْل عن العامين، ولَم يكن الطفل هو الوحيد يقلُّ اهتمام الأبوين به؛ ليُعَوِّدُوه على تحمُّل المسؤولية)، الشيء الذي يُفَسِّرُه الطِّفْل بـ: (نضوب بعض الحُب في قلب والديه تجاهه)، فيستجلبه بالمبالغة في إظهار الخوف والذُّعر، مما يَمُر به مِن مواقف.
آمل أن يكونَ في سطوري إجابة شافية لسؤالك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول